هل يحس الميت بزيارة أقاربه الأحياء لقبره ويستأنس بهم؟
يجيب عن السؤال فضيلة الشيخ/ سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
لنعلم أن المسائل المتعلقة بالميت وأحواله في قبره تعتبر من الغيب الذي لا يجوز الخوض فيه إلا عند وجود الدليل الصريح من الكتاب والسنة، وقد ورد في السنة النبوية زيارة القبور والسلام على أهلها، كما قال رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين".
وقد وردت أحاديث صحيحة تدل على شعور الميت بزيارة الحي، ويفرح بها، وحينما يسلِّم الزائر عليه فإنه يردُّ عليه السلام، ومن ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس وردَّ عليه حتى يقوم" (صححه عبد الحق الأشبيلي)، وقال العلاَّمة ابن القيم- رحمه الله- في كتاب (الروح): "والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي ويستبشر به".
وقد ذهبت طوائف كثيرة من السلف إلى أن الميت يسمع ولكن لا يسمع الكلام إلا إذا أعاد الله روحه إلى جسده، مثل ما حدث في قصة أصحاب القليب حين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ما ورد أن الميت إذا دخل في قبره سمع قرع نعال مشيِّعيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هذه النصوص وأمثالها تبيِّن أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، ولا يجب أن يكون السمع دائمًا، بل قد يسمع في حالة دون حالة.
والمهم في هذا الأمر أنا لا يضرُّنا شعر أم لم يشعر، وعلينا بالسنة، فندعو لهم عند زيارتهم ولو لم يشعروا بنا؛ لأن هذا أجرٌ لنا وينفعهم، وزيارتنا لهم تنفعنا نحن؛ لأن فيها تذكير بالموت والآخرة فننتفع بها، والميت ينتفع بذلك أيضًا بدعائنا له واستغفارنا له.
نسأل الله لموتانا الرحمة والمغفرة، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، وأن يتوفانا على الإسلام غير مبدلين ولا نادمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.