أنتظر الإشارة الأولي منك!
عادة تكون الخطوة الأولي من الرجل، لكنني ــ في حالتك ــ أخاف أن أبدأ.
أخاف أن أبدأ حتي لا أسمع كلمة "لا"!
"لا" هي أقسي كلمة علي قلبي، خاصة إذا كان مصدرها قلبك!
أنتظر الإشارة الأولي حتي أستعيد كل قدراتي المفقودة!
منذ أن عرفتك، وأنا غير قادر علي الكلام، علي التفكير، علي الكتابة، علي النوم، علي السفر أو البقاء!
منذ أن عرفتك، أنا قادر علي فعل شيء واحد، هو أن أنتظر علي رصيف العمر لعل قاربك يتنازل ويرسو علي حافته!
نسيت كل "حركات الشقاوة" الشبابية، نسيت كل "تكتيكات" العشاق، نسيت كل خبراتي السابقة، نسيت قانون الكلمات المؤثرة، وعدت طفلاً بريئاً، مراهقاً ساذجاً يتلعثم أمام أول نظرة حب!
أخاف أن أبدأ، وأخاف أن أتلاشي من ذاكرتك!
أخاف أن أبوح بما في داخلي فأفقدك، وأخاف ألا أقول فلا تعيري قلبي الصامت أية التفاتة!
في القرون الوسطي كان المحب يرسل لحبيبته رسالة تقول لو كانت مشاعرك مثل مشاعري فما عليك إلا أن تقفي في الشرقة ممسكة بزهرة حمراء في يدك اليمني!
كان المحب ــ وقتها ــ يحتاج إلي علامة، أو إشارة، واليوم وبعد خمسمائة سنة أجد نفسي مضطراً إلي اللجوء إلي نفس الأسلوب العتيق.
رغم جنوني وجموح مشاعري، مازلت تقليدياً، محافظاً، خائفاً، متردداً، أخاف أن أسقط من فوق جواد العشق الجامح فينكسر قلبي مائة ألف مليون قطعة متناهية الصغر!
عادة، تكون الخطوة الأولي من الرجل..
لكن ياسيدتي، ألا تتفقين معي في أن كل ما بيننا لم يكن يوماً عادياً؟!
كل ما كان بيننا كان خرقاً لأبجديات المعتاد، ومناقضاً لطقوس قصص الحب الكلاسيكية!
ما بيننا هو اتصال لاسلكي يتم من طرف واحد، بينما الطرف الآخر يقول "آلو" لطرف لا يدرك أن هناك رنيناً لجرس المشاعر!
ما بيننا شيء من الجنون، قليل من العقل، كثير من الوهم!